تأثير ديزني: ديزني لاند سترفع أسعار العقارات في جزيرة ياس
هناك مدن ملاهي كثيرة، وهناك ديزني لوحدها. في الأسبوع الماضي كشف الرئيس التنفيذي لشركة ديزني، بوب إيغر، عن خطط تاريخية: ديزني لاند قادمة إلى أبوظبي، وتحديداً إلى جزيرة ياس. ورغم أن الحديقة لن تُفتتح قبل 2032 أو 2033، إلا أنها ستقدَّم مميزة أصيلة على طريقة ديزني ومميّزة بطابع إماراتي، في إشارة إلى أسلوب جديد من السرد يحتفي بالثقافة المحلية.
المشروع الذي تُطوره وتُموّله ميرال الشركة المدعومة من الدولة والتي تقف خلف أبرز مشاريع جزيرة ياس ستكون أول مدينة ملاهي تحمل علامة ديزني في الشرق الأوسط، وأول منتجع ديزني مغطى بالكامل في العالم. وبينما يتصدّر ميكي وأصدقاؤه المشهد، هناك قصة أخرى تتكشف بهدوء وهي السوق العقاري الذي يستعد لتحوّل كبير.
من الترفيه إلى الاستثمار: لماذا جزيرة ياس؟
تمتلك جزيرة ياس موقع استراتيجي وهي رمز بارز في أبو ظبي. فهي تحتضن عالم فيراري، وعالم وارنر براذرز، وسي وورلد، وحلبة مرسى ياس، ما يجعلها جاهزة لاستقطاب معالم الترفيه العالمية على أوسع نطاق. لكن، بعيداً عن هذه التجارب المبهرة، تتحول الجزيرة بسرعة إلى وجهة معيشية متكاملة، مع قصة عقارية آخذة في التوسع والإغراء.
يقول لي بُورغ، الشريك التنفيذي في دبي سوثبيز إنترناشونال ريالتي:
«ديزني لاند واحدة من أقوى العلامات التجارية وأكثرها شهرة عالمياً، ووصولها إلى جزيرة ياس سيحقق بلا شك تأثير اقتصادي ضخم. إن تدفق السياحة والنمو الاقتصادي المرتبط بها سينعكس بالضرورة على سوق العقارات، حيث يُتوقع ارتفاع الطلب على الوحدات الفاخرة والإيجارات القصيرة الأجل والمساكن الراقية. على المدى القصير ستشهد جزيرة ياس اهتمام متزايد من المستثمرين، خصوصاً وأن البنية التحتية متطورة جداً. وعلى المدى المتوسط والبعيد، سيُسهم هذا الزخم في توسع السوق العقارية بأبوظبي عموماً، وهذا يعزز مكانة المدينة كمركز عالمي للحياة الفاخرة.
تنضج جزيرة ياس بسرعة لتصبح مكان يفضّل الناس العيش والاستقرار فيه. ويضيف بورغ: «الشواطئ ذات الرمال البيضاء، والرعاية الصحية الممتازة، والمدارس المرموقة تزيد من جاذبية الجزيرة، خصوصاً للعائلات الباحثة عن استقرار طويل الأمد. وصول ديزني وما يحمله من ثقة سيعجّل من هذا التحول، ويمهّد لدخول أبوظبي مرحلة نمو سريع».
جدير بالذكر أن سوق العقارات في جزيرة ياس لم ينتظر قدوم ديزني كي يبدأ بالتصاعد. ففي عام 2024، نما السوق العقاري في أبوظبي بنسبة مذهلة بلغت 125% مقارنة بالعام السابق، وبرزت ياس كأحد أكثر أسواقه الفرعية جاذبية. وفي الربع الأول من عام 2025 وحده، ارتفعت أسعار الشقق الفاخرة في ياس بنسبة 2.5% للمتر المربع مقارنة بالربع الأخير من 2024، متجاوزة جزيرة السعديات. أما الفلل في ياس فقد شهدت زخم مشابه أيضاً، حيث بلغ متوسط سعر البيع الآن 4.68 مليون درهم.
ويقول بورغ: «على المدى القصير ستستفيد الشقق أكثر من هذا الإعلان، لكن على المدى المتوسط والبعيد نتوقع ارتفاع كبير في جميع قطاعات السوق العقارية بأبوظبي. مشروع (ياس آكرز)، وهو تطوير لفلل على الواجهة المائية تنفذه الدار العقارية، يُعد بالفعل من أبرز المشاريع، إلى جانب (ياس ريفا)».
وياس ريفا هو مجموعة تضم 151 فيلا على القناة المائية تم إطلاقه العام الماضي، وبيعت وحداته بالكامل خلال 24 ساعة فقط، في مؤشر واضح على الطلب المتصاعد. ويعلّق بورغ: «هذا المعدل من الاستيعاب يُظهر مدى سرعة تغيّر المزاج الاستثماري في السوق حين تكون الأسس صحيحة. العرض محدود، الطلب مرتفع، وبنية الحياة العصرية قائمة منذ زمن».
ويضيف: «من أقوى عوامل نمو أبوظبي محدودية حجم التطوير العقاري الخاص مقارنة بمدن أخرى، إذ تحتفظ شركتا الدار ومودون بالحصة الأكبر في السوق. وبما أنهما مدعومتان من الحكومة، فقد اكتسبتا ثقة واسعة ويحافظان على معايير عالية جداً، مما يخلق قيمة مستدامة في العقارات المطروحة بالسوق».
عوائد الإيجار وصعود المساكن ذات العلامات الفندقية
بدأ المشترون بملاحظة جدوى الإيجار في جزيرة ياس. إذ تُظهر بيانات الربع الأول من عام 2025 أن متوسط العائد الإجمالي على الإيجارات في ياس بلغ نحو 7% للشقق و5.5% للفلل، ما يضعها ضمن أفضل المناطق أداءً في قطاع العقارات الفاخرة بأبوظبي.
وفي خطوة تعلن عن فصل جديد في مسيرة الجزيرة، أعلنت شركتا «الدار» و«هيلتون» في 12 مايو عن إطلاق أول مساكن بعلامة فندقية على جزيرة ياس، وهي «والدورف أستوريا» الأسطورية. ويُعلق الخبراء: «إذا اتبعت أبوظبي النمط الذي شهدناه في دبي، فيمكن أن نتوقع زيادة في الطلب على المساكن ذات العلامات الفندقية في ياس، خاصة من قِبل المشترين الباحثين عن أسلوب حياة يعتمد على الخدمات وقيمة طويلة الأمد. ووالدورف أستوريا ليس سوى البداية، فالمنازل ذات العلامة الفندقية ستظل دائماً ذات طلب يفوق العرض».
النظرة المستقبلية: ارتفاع رأس المال وتوقيت المستثمرين
بالنسبة للذين يفكرون في دخول السوق العقارية في جزيرة ياس، فإن التوقيت عامل حاسم. يقول بورغ: «رغم أن افتتاح ديزني لاند ما يزال على بُعد سنوات، إلا أن الفرصة للاستثمار العقاري الاستراتيجي قد بدأت بالفعل. السوق العقارية تتجاوب مع الزخم، وهذا الإعلان منح جزيرة ياس مستوى نادرًا من الاهتمام العالمي والقيمة المستقبلية في أسواق اليوم».
وتشير التوقعات إلى أنّ أبوظبي استقطاب أكثر من 24 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030. ومع هذا النمو، يزداد وضوح العلاقة بين التوسع السياحي والفرص السكنية لتصبح أكثر ربحية. وبالنسبة للمستثمرين الذين يخططون للمستقبل، فإن المعادلة باتت واضحة: جاذبية دولية، وبنية تحتية مؤكدة، وحياة عصرية مدعومة بأسماء عالمية راسخة.
ويضيف بورغ: «بالنسبة للمستثمرين، الأمر لا يتعلق بالعائد فقط، بل بالتموضع الصحيح. امتلاك عقار الآن بينما لا يزال التطوير في مراحله الأولى يعني دخول السوق قبل الارتفاع الحتمي للأسعار، والاستفادة من الاهتمام المستدام الذي ستجلبه ديزني وجزيرة ياس لعقود مقبلة. نصيحتي للعملاء هي المسارعة وعدم انتظار لحظة قص الشريط».